تاريخحضارات تاريخية

حقائق مثيرة للإهتمام حول التتار

نسمع الكثير عن التتار وعن الإمبراطورية العظمية التي تعد ثاني أضخم إمبراطورية في التاريخ بعد الإمبراطورية البريطانية، ولكن لا نعرف الكثير عن تاريخهم ونشأتهم وأصلهم، لذلك سنتعرف في هذا المقال عن أبرز الحقائق والمعلومات المثيرة عن التتار:


أصل التتار والمغول

اختلف العلماء عن أصول التتار، وهل هم جزء من العنصر المغول، أو أنهم قبائل أخرى مستقلة متميزة، ولكن أكثر العلماء يعدونهما عرقًا واحدًا وموطنها الأصلي واحد، والتمايز العرقي النسبي بينهما ظهر وتبلور لاحقًا، بعد أن غادروا موطنهم الأم، و امتزجوا بأعراق أخرى أوربية وسواها.

ظهور التتار كقبائل متميزة يرجع إلى نهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس ميلادي، وقد عاشوا ضمن القبائل المغولية، ويرجع كذلك أن موطنهم الأصلي جنوب شرقي منغولية وغربي منشوريا، وكونوا مع القبائل التركية الأخرى مايعرف بالقبيلة الذهبية أو الحشد الذهبي. ووفقا لبعض نتائج الDNA التي أجريت على 450 من تتار الفولغا أكبر شعوب التتار، التي أظهرت أنهم ينحدرون بنسبة 84% من غرب أوراسيا وبنسبة 16% من شرق آسيا.


أماكن تواجدهم

التتار مجموعة متنوعة للغاية، عرقيًا وجغرافيًا. شكل التتار ثاني أكبر مجموعة غير سلافية (بعد الأوزبك) في الإتحاد السوفييتي السابق. ويتألف التتار من أربع مجموعات رئيسية وهم تتار الفولغا، تتار القرم، تتار سيبيريا وتتار كرياشين. يقطن معظمهم الآن ضمن الإتحاد الفيدرالي الروسي، حيث يبلغ عددهم أكثر من 6.8 مليون نسمة ومن أبرز الأماكن التي يعيشون فيها هي تتارستان وسيبيريا وباشكورستان التي تقع داخل الاتحاد الروسي. في أواخر الحقبة السوفيتية، أجبر العديد من التتار إلى الهجرة إلى جمهوريات آسيا الوسطى، ولاسيما أوزبكستان وطاجيكستان. بالإضافة إلى تواجدهم في بعض الدول الأوربية، ولكن بأعداد قليلة.


لغة التتار

اللغة التتارية هي نابعة من أسرة اللغات التركية. كتبت لفترة طويلة باللغة العربية ثم الأبجدية الرومانية حتى عام 1939 عندما أمر ستالين بكتابتها بالأبجدية السيريلية. في عام 2000 قررت حكومة التتار إسقاط الأبجدية السيريلية لصالح الرومانية وبدأت بتدريسها في المدارس. قامت الحكومة الروسية تقريبًا بالقضاء على اللغة التتارية، حيث يتحدث معظم التتار الأن اللغة الروسية، ولكن شعب التتار يحاول إحياء اللغة من خلال تأهيل المعلمين وإنتاج الكتب المدرسية خاصة باللغة التتارية.


الديانة

عرف التتار بالديانة البوذية، ولكن دياناتهم الأصلية هي الطوطمية، إذ عبدوا الطبيعة (الريح والرعد والصواعق) والحيونات (الخنزير والذئب)، وعبدوا الكواكب وخاصة الشمس، بالإضافة إلى أنهم تأثروا قليلًا بالمجوسية. ولكن القسم الأكبر من التتار اعتنق الإسلام، وهم الآن يدينون بالإسلام، وذلك نتيجة لاعتناق حفيد جنكيز خان (بركة خان) الإسلام، وقد جرت محاولات حثيثة من الروس، بعد أن احتل القيصر الروسي إيفان الرابع قازان عاصمة التتار عام 1552، لتحويلهم إلى الديانة المسيحية، ولكن لم يكتب النجاح لهذه المحاولات، إذ حدثت مذابح واضطرابات عديدة بسبب ذلك. لم يخرج عن الإسلام إلا مجموعات صغيرة مثل تتر كرياشين وتشيليابتك.


الإمبراطورية التتارية/المغولية

أكبر إمبراطورية ككتلة واحدة، وثاني أضخم إمبراطورية في التاريخ من حيث المساحة بعد الإمبراطورية البريطانية، وأعظم رعب مر على تاريخ أوراسيا. وهي نتاج توحيد قبائل المغول والترك في مايسمى حاليا منغوليا، فبدأت بـ تيموجين (جنكيز خان) الذي أعلن حاكمًا لها عام 1206، فكانت فاتحة للغزوات التي وصلت أقصى مدى لها عام 1405 من حوض الدانوب حتى بحر اليابان، ومن فيليكي نوفغورود بالقرب من الحدود الروسية الفنلندية حتى كمبوديا، حيث حكمت شعوب تعدادها التقريبي 100 مليون نسمة ومساحة من الأرض مقدارها 33,000,000 كيلومتراً مربع أي 22% من مساحة اليابسة على الكرة الأرضية.
لم تعمر الإمبراطورية طويلًا، فانقسمت بعد موته بين أولاده وأحفاده إلى خانات صغيرة. ومن أبرزها خانية قازان في روسيا و الإيلخانية في فارس، وسلاسة يوان في الصين.
انقسام الإمبراطورية إلى خانات سهل عملية التدمير والنهب من قبل الروس على خانيات قازان وأستراخان وسيبيريا، بالإضافة إلى خانية القرم، التي سيطر عليها العثمانيون، قبل أن تحتلها روسيا عام 1783م. بالإضافة الى الخانات والممالك الغولية الأخرى التي سقطت على يد المماليك والفرس وبعض القوى التي كانت موجودة في ذلك الوقت.


اقرأ أيضًا: أقدم 10 حضارات في العالم

ثقافة التتار

كانت أراضي التتار تتارستان ذات يوم جزءًا من بلغاريا القديمة، ثم الحشد الذهبي، وكانت لعدة قرون جزءًا من طريق الحرير، حيث انتقلت البضائع والأفكار بين الشرق والغرب. في القرن السادس عشر، فقد التتار استقلالهم بعد غزوهم من قبل إيفان الرهيب وأصبحوا جزءًا من روسيا، حيث فرض عليهم بعدها الثقافة الروسية والمسيحية الأرثوذكسية بشكل قسري، فضلًا عن تدمير المعالم التاريخية والمساجد، وهذا أدى إلى تقلص إن صح القول بالثقافة التتار التي هي مزيج من الإسلام وثقافة التتار القديمة. ولكن عادت الهوية التتارية عندما سمحت كاثرين العظيمة للتتار مرة أخرى بممارسة دينهم بحرية، حيث أنهم ذات غالبية مسلمة كما ذكرنا سابقًا.
ولكن يمارس التتار الإسلام بشكل مختلف عن المسلمين في الشرق الأوسط، حيث أنها متأثرة بشكل كبير بالثقافة الأوربية، حيث أن العديد منهم لا يتبعون الطقوس الإسلامية، بالإضافة إلى أن نساء التتار لا يرتدون الحجاب والزواج بين الأديان يشكل حوالي ثلث العدد الإجمالي من التتار. وبالنسبة إلى التقاليد الأبوية شبيها إلى حد ما بالعربية، إذ يتمتع الأب في الكثير من الأحيان بسلطة في العائلة، بينما يتم تعليم الفتيات على الخضوع لأزواجهن والقيام بجميع الواجبات المنزلية.
يتمتع التتار ببراعة لا مثيل لها في التطريز والنحت وصناعة المجوهرات والسيراميك، بالإضافة إلى إتقانهم الخط العربي. ولدى التتار ألبسة مميزة تقليدية كالحذاء “Chuvyaki” المصنوع من الجلد حيث يرتديها الرجال والنساء، بالإضافة إلى الطاقية التي تسمى “Tubeteika”، إضافة إلى الثوب التقليدي الذي يرتديه النساء في المناسبات.
ومن أشهر الاحتفالات أو الأعياد التي يمارسها التتار هو يوم يدعى “Sabantuy”، ويتضمن الاحتفال العديد من المسابقات مثل الجري والمصارعة وسباق الخيل ومعركة بالأكياس و تسلق الأعمدة وعدد من الفعاليات والمسابقات الأخرى.


تتار القرم

ظهر تتار القرم في القرن الرابع عشر. تاريخهم المبكر يشبه إلى حد كبير تاريخ التتار في فولغا، لكنهم تطوروا بشكل أو بآخر بشكل مستقل عنهم، لكن في نهاية الحرب العالمية الثانية، اتخذ مصيرهم منعطفُا مأساويا عندما ما تم نفيهم جميعًا تقريبًا من وطنهم إلى آسيا الوسطى. حيث تم نفيهم من قبل القائد العسكري الروسي ستالين، الذي اتهم تتار القرم زورًا بالتعاون مع النازيين، إلى آسيا الوسطى (معظمهم إلى أوزبكستان). تم عملية نقلهم إلى المنفى بواسطة شاحنات وعربات الماشية وبسبب طول المسافة ونقص الطعام مات أكثر من 100000 منهم خلال الرحلة الطويلة والشاقة.


تتار فولغا

في القرن الثامن احتل شعب تركي يدعى “البلغار” المنطقة المعروفة الآن باسم تتارستان. بعدها انتقلوا الى فولغا الوسطى، وذلك بسبب الغارات العربية المتكررة في ذلك الوقت. وعندما غزا المغول هذه المنطقة ودمرها في عهد باتو عام 1236م، انتقل معظم الناجين شمالًا من المنطقة. بعدها قام المغول بتنظيم المنطقة التي احتلوها إلى دولة وأصبحت تعرف بإسم الحشد الذهبي، حيث قام المغول بدمج القبائل التي عاشت بالمنطقة، بما في ذلك البلغار وقبائل القفجاق التركية وهم أجداد تتار الفولغا، بالإضافة إلى بعض المستوطنين الفنلنديين.
وفي القرن الرابع عشر، تم تجزئة الحشد الذهبي إلى عدة خانات، بما في ذلك قازان وأستراخان وشبه جزيرة القرم، والتي استمرت حتى عام 1502. ومن أبرز الخانات هي قازان التي هي موطن تتار الفولغا حاليًا، حيث أن الناس الذين عاشوا هناك طوروا لغة التتار وأصبحوا يعرفون بتتار الفولغا. وكانت قازان من أقوى الدول والتأثير في المنطقة، قبل أن تسقط على يد القيصر الروسي إيفان الرهيب في 1552، وقد بنيت كاتدرائية القديس باسيل في موسكو للاحتفال بالنصر. أعقب ذلك سلسلة من السياسات الظالمة والقمعية بحق التتار، والتي استمرت الى القرن التاسع عشر وقد شملت التحول القسري إلى المسيحية والعقوبات الإقتصادية وتغيير ثقافتهم من خلال التعليم.
يعتبر تتار الفولغا أكبر القبائل الإسلامية التي تعيش داخل روسيا. ويعيش حاليًا حوالي 2 مليون نسمة منهم في تتارستان وما يقارب 2.5 مليون نسمة آخرين في الجمهوريات القريبة، خاصةً جمهورية باشكير، بالإضافة إلى مليون نسمة تقريبًا يعيشون في أماكن مختلفة في روسيا الأوروبية.


تتار سيبيريا

التتار السيبيريون هم من أصل تركي مغولي وموطنهم سيبيريا. ينقسم التتار في سيبيريا إلى مجموعتين، الأولى وهي التي عاشت في سيبيريا منذ زمن طويل، والثانية هم التتار المهاجرين من فولغا والاورال وتتار كرياشين، بالإضافة إلى مجموعات أخرى من التتار الأوروبيين.
يعتقد أن التتار الأصليين الذين يعيشون في سيبيريا لديهم أجداد أكثر تعقيدًا من تتار فولغا والقرم. حيث يعتقد أنهم مزيج من الدم الأغوري والتركي والإيراني والمنغولي. يرجع تاريخ وجودهم في المنطقة إلى القرنين الخامس والسابع. بدأ التتار السيبيريين في وقت ما من القرن الرابع عشر إلى تشكيل أول خانات التتار في سيبيريا. وفي القرن الخامس عشر كانت مدينة قليشق أكبر خانات التتار السيبيريين، ولكن في عام 1563 م تم التغلب عليهم واحتلالهم من الكازخستانيين، وبعدها سيطر الروس على سيبيريا، وتعد سيبيريا الآن جزء من روسيا الإتحادية.


تتار كرياشين

هي مجموعة تعيش في منطقة فولغا الوسطى. يتحدثون لغة تركية مثل التتار الآخرين لكنهم يدينون بالمسيحية على عكس معظم التتار الذين يعتنقون الإسلام. عاشوا تقليديًا في حوض كاما في جمهورية التتار وفي جمهوريتي بشكير وتشوفاش، وتزوجوا من مجموعات أخرى مثل التشوفاش. تشكل تتار كرياشين من مجموعات في خانات قازان، التي تم تحويلها في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلى المسيحية الأرثوذكسية وكانوا ينالون الجنسية الروسية حال تحولهم الى المسيحية. حيث كان الروس يعاملون التتار المسلمين بقمعية ويجبروهم على دفع ضرائب باهظة وسلبهم الكثير من حقوقهم.
وعلى الرغم من أن تتار كرياشين من المسيحيين الأرثوذكس، إلا أن المسيحية التي مارسوها كانت إلى حد كبير خارج نطاق الكنيسة الأرثوذكسية الرسمية وكان لها طابع خاص بها.


تتارستان

تتارستان (820 كيلو متر جنوب شرق موسكو) هي واحدة من 21 جمهورية داخلية في روسيا، تقع على السفوح الغربية بجبال الأورال الفاصلة بين آسيا وأوروبا بمساحة تبلغ نحو 70 ألف كيلو متر مربع وسكانها يقتربون من أربعة ملايين نسمة وعاصمتها قازان. تم اعتبارها كجمهورية مستقلة ذاتيا في عام 1920 لشريحة كبيرة من التتار.
تتمتع تتارستان باقتصاد متنوع ومتطور وكان أساس المطالبات الجريئة بالاستقلال عن روسيا عام 1992، حيث حصلت على استقلالها بنفس العالم ولكن ليس بشكل كامل.
ومن أهم الثروات التي تتمتع بها تتارستان النفط، حيث أنها غنية بشكل كبير بالثروة النفطية، بالإضافة إلى صناعات رئيسية مثل التصنيع الكيميائي وبناء الآلات وصناعة المركبات وغيرها من الصناعات المتنوعة.


اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى